لانك تراب والى تراب تعود

لانك تراب والى تراب تعود

لانك تراب والى تراب تعود

” لانك تراب والى تراب تعود ” ( تكوين 19:3) خمس كلمات لخّص بها الله لادم يوم سقوطه بالخطية بداية الانسان ونهايته على الارض. تبدو هذه الكلمات قاتمة خالية من اي امل، فهي تصور الانسان ضعيفا وحياته باطلة، الا ان التأمل بها يحمل كل رجاء ومعنى للوجود واروع ما يمكن تعلمه في حياتنا على الارض.

لاننا تراب، فلنسلك باتضاع

لاننا تراب، فلنذكر جبلتنا ونسلك بتواضع امام الله والناس. فجميعنا خلقنا من جبلة واحدة احتاجت ليد اله قادر ليشكلها وينفخ فيها نسمة حياة. وكل ما لنا هو منه وله وبه وكل ما نعطيه من يده اخذناه اولا. لذلك لا نتكبر على الله كأننا لم نأخذ منه ولا نهدر ما وهبه لنا بما لا يرضيه ونغير اهداف ما خلقه لنرضي ذواتنا ولا نتكبرعلى الاخرين وندوس عليهم لنعلو. لكن نفتخر بالله وحده صاحب كل عطية صالحة وموهبة تامة، ونضع كل ما وهبه لنا لتصرفه ولخدمة الاخرين، فمن اراد ان يكون عظيما ليكن خادما.

لانه يذكر جبلتنا، يرحمنا

لانه يعرف جبلتنا ويذكر اننا تراب نحن، يتحنن علينا ويرحمنا. ورغم اننا تراب تذريه الرياح وتبدده وهو الخالق الجبار الذي اوجد الكون بكلمة قدرته، الا انه يحبنا للمنتهى دون استحقاق وشروط ويترآف علينا كما يترآف الاب على البنين لدرجة دفعته ان يتخذ حالتنا الترابية ويُجَرَّب في كل شيء مثلنا ليكون لنا ثقة انه قادر ان يشعر بكل ما نمر به ويرثي لضعفنا. ما اعظم محبة الهنا وافكاره من جهتنا. صغرنا عن جميع الطافه والامانة التي صنع الينا.

ومن فيض رحمته، اتخذ حالتنا الترابية

ومن فيض رحمة الله ونعمته لم يسمح ان نحيا بحالة الخطية للابد. لذلك وضع لحياتنا على الارض حدّا فنعود الى التراب الذي منه اخذنا، لان اكثر ما يشوه جمال الخليقة ويعذبها ويسبب لنا الالم هو شر الانسان، وكم كانت حياتنا ستكون بائسة لو كانت اقصى امالنا مربوطة بهذه الحالة. الا ان الله لم يرتضِ ان يترك مشكلة الخطية دون حل فينتهي الانسان بالموت، لانه حاشا له ان يتخلى عن اعمال يديه. لذلك خطط لخلاصنا بموت ابنه على الصليب، دون ان نطلب او حتى قبل ان نكون، ليعتق كل من يؤمن به من هذه الحالة. فعندما يعود من امن به للتراب، يتبدل الترابي الفاني والمشوه بالازلي والممجد.

ان كنا سنعود للتراب، لنطلب من الله حكمة

فان كنا للتراب سنعود، لنطلب من الله ان يعلمنا احصاء ايامنا فنعلم كم نحن زائلون ونؤتى قلب حكمة. حكمة تجعلنا نثمّن الوقت وتحركنا لان نعيش لهدف يستحق ان نحيا لاجله، فالوقت مورد محدود وما ضاع منه لا يعود وحياتنا ما هي الا بخار يظهر قليلا ثم يضمحل. فأي شيء اذًا يستحق ان ننفق موردنا الثمين والمحدود عليه؟ ومما نستمد قيمة لحياتنا الزائلة؟ فان كانت كنوزنا من تراب العالم، لن نجد قيمة لحياتنا بابعد من التراب، وان كانت كنوزنا في السماويات سنلقى قيمة حياتنا بابينا السماوي. ليس هنالك افضل من ان نأخذ دورنا بمشيئة الله العظيمة ونكون شركاءه في تتميم عمله على الارض ونسلمه كل ما لنا من احلام ومواهب وحتى ضعفات والام واخطاء ليصنع منا آنية للكرامة نافعة ومستعدة لكل عمل صالح. صفقتنا المربحة هي ان نسلم الله ما يشغل بالنا ويقلقنا وندعه يسلمنا من ما يشغله. فان كانت حياتنا بخارا أليس أولى بنا ان نسعى لان نكون بخارا يعطر ما حوله ويعبق بشذى المسيح؟ لذلك فلنتقِ الله ونحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله.

بقلم: اسيل شومر