دور الكنيسة في أزمة الكورونا

دور الكنيسة في أزمة الكورونا
دور الكنيسة في أزمة الكورونا

ما هو دور الكنيسة في أزمة الكورونا؟ البعض يعتقد أنه دوره كمؤمن يقتصر على الصلاة واستخدام الألكوجيل (المعقم) ظانًا أن وظيفته هي مجرد التضرع لله لعله يرحمنا ويقضي على هذا الوبأ. أنا أرى بهذه النظرة تقزيم مشروع الله في الانسانية، وضع سراج الكنيسة تحت المكيال ومفهوم ناقص للصلاة.

الصلاة

أرجو أن لا تسيئوا فهمي. الصلاة مهمة جدا وضرورية للغاية. أنا أؤمن بإله يسمع من السماء، يغفر ويبرئ. أومن أنه حيّ، وكما صنع المعجزات في الماضي قادر أن يصنعها اليوم أيضا، بحسب مشيئته الصالحة. لكن الصلاة ليست كالوصفة السحرية التي تتناولها عندما تكون متعبا، فهي لا تتمحور حول طلباتك الشخصية. الله ليس كالصرّاف الآلي الذي تدوس به على بعض الأزرار وتتوقع منه استجابة مباشرة ايجابية. الصلاة لها جوانب شخصية أعمق، فهي تبني الروح، تصلها بخالقها وتقرّبها منه. لن أتوسع هنا في كل هذه الجوانب لأن ما يشغلني هو تلك الأعمال التي سبق الله وأعدّها للكنيسة لكي تتممها وتضئ للجميع من خلالها، وعندها يراها الناس ويمجّدوا أبانا الذي في السموات.

الطب والعلم

ريتشارد داميان مخترع الجهاز الطبي MRI، مؤمن مسيحي. فرانسيس كولينز مدير معهد الصحة الوطني الامريكي، الذي أحد أدواره هو البحوثات الطبيّة، مؤمن مسيحي. عالم البيولوجيا والكيمياء، لويس باستور، مخترع مبدأ التطعيم الطبّي مؤمن مسيحي أيضا. فإذا كنت تمتلك عزيزي القارئ، أي المواهب التي من الممكن أن تساهم في المجال العلمي والطبي، فأرجوك أن تبذل قصار جهدك في محاربة هذا الوبأ علميًا متأكدا أن لديك ماضٍ مشرف وجمهور شغوف.

 فرانسيس كولينز، ريتشارد داميان ولويس باستور
فرانسيس كولينز، ريتشارد داميان ولويس باستور

الاحتياجات الاجتماعية

بين السنوات 249 و 262 م. ضرب الوباء القبرصي الإمبراطورية الرومانية وبعض المؤرخين يقولون أن الوضع تأزم اذ اخذ يفتك بحياة 5000 نفس يوميًا! ماذا كان موقف الكنيسة المضطهدة في تلك الفترة؟ نشكر الله أنه لدينا رسالة من أحد آباء الكنيسة، ديونيسيوس، وهذا ما جاء فيها:
“أغلب الأخوة والأخوات بيّنوا محبة واخلاص لا متناهي، إذ لم يشفقوا على أنفسهم وفكروا بأحدهم الآخر. بالرغم من الخطر، اهتموا بالمرضى واعتنوا بجميع احتياجاتهم، خدموهم بالمسيح وحتى في حياتهم بفرح. أفضل الاخوة انتقلوا الى الامجاد بسبب هذه الخدمة… وفخر هؤلاء كفخر الذي لم ينكر المسيح وأعدم مستشهدًا” (1).
يا لها من كنيسة، تطيع المسيح حرفيا، وتبذل نفسها من أجل الآخر. آمل أن لا يحتد وضع الوبأ في عصرنا الى هذه الدرجة، لكن في كل الأحوال، على الكنيسة أن تكون مستعدة.

تشجيع تعليم ووعظ

على الكنيسة أن تشدد على تعليم كلمة الرب بأمانة في هذه الظروف الصعبة فهي مصدر أساسي لبنائنا وتشجيعنا. على التعليم أن يكون حساسًا للوضع القائم ولا يعد شعب الكنيسة بوعود لن تتحقق وتوقعات خيالية، بل متعاطفا مع المرضى والمتألمين والخائفين ويساعدهم على أن يعيشوا حياة مسيحيّة حقيقية وسط هذه الظروف الصعبة. لدى الدكتور ماهر صموئيل سلسلة عظات جميلة أنصح بسماعها، اذ يسعى بها على تشكيل عقل قادر على التعامل مع الألم.

مجاوبة عن سبب الرجاء

في هذه الفترة الصعبة المليئة بالشرور تكثر من حولنا الاسئلة عن صلاح الله وقدرته على إيقاف وبأ الكورونا. مثلا: إن كان فعلا صالحًا ويريد خيرنا وكذلك قادرًا، فلماذا لا يوقفه؟ من سيجيب على هذه الأسئلة؟ بطرس الرسول يطلب من كل الكنيسة ذلك (1 بط 3: 15)، وليس فقط من أشخاص معيّنة. من الجدير بالذكر أن السياق الذي كُتبت فيه رسالة بطرس كان في فترة ألم واضطهاد على الكنيسة، ومع ذلك رجاء المؤمنين كان ظاهرا أمام الجميع الى حد أنه جذب انتباه الآخرين. فعلى رجاء الكنيسة اليوم أن يكون واقعيا وظاهرا للمجتمع وعلى أعضائها أن يكونوا مستعدين دائما للمجاوبة.

هنالك احتياجات عديدة اخرى ومواهب أكثر داخل الكنيسة وهدفي ليس أن اغطيها كلها، بل أن أشجعك عزيزي القارئ على اكتشاف مواهبك واستثمارها في خدمة الآخر، خاصة في هذه الظروف الصعبة. جميعنا مخلوقين على صورة الله وهنالك خطة وهدف حقيقي مجيد من حياتنا على الأرض، دعونا نعمل باجتهاد. في الختام، لنصلِّ أيضا لشعب الكنيسة كي يدرك ارساليته ومهمته ولكي يتممها بأمانة وامتياز.

بقلم جورج عبده

(1) Rodney Stark, The rise of Christianity (San Francisco: HarperCollins, 1997). 82
مصدر صورة العنوان، فرانسيس كولينز، لويس باستور، ريتشارد داميان
شروط استخدام الصور