هل يقدر الله على فعل كل شيء؟

هل يقدر الله على فعل كل شيء؟  المصدر: flickr

هل يقدر الله على فعل كل شيء؟ المصدر: flickr

هل يقدر الله على فعل كل شيء؟ مثلا، هل يقدر الله على خلق صخرة كبيرة وثقيلة جدًا بحيث يستحيل عليه حملها؟ إن أجبنا بنعم، فسيقولون إن الله لا يقدر على حملها، وإن أجبنا بلا، فهنالك شيء لا يستطيع الله كلي القدرة على فعله! هل هذا فعلا سؤال يقضي على الله؟ أهو سيف ذو حدين، أم هو سكين صغير أكله الصدأ؟

سأل محاضر هذا السؤال في أول محاضرة كنت فيها في بداية تعليمي في التخنيون ضمن موضوع المنطق، وابتدأ الطلاب بالإجابة كل واحد على مزاجه ، فقلت لنفسي: “علقنا”. فأنا لا أسكت أمام الهجومات على إلهي، ولا بد لنا من الصراع ومن ثم ستتدهور العلاقة بيني وبين المحاضر وعندها لا أدري إن كان سيعطيني علامة نجاح أم لا. لكن المحاضر أكمل وقال إن هذا السؤال غير منطقي! ثم فسّر أننا نطلب الشيء وعكسه بذات الوقت! فإننا نطلب بالسؤال أن يكون الله قادرًا على كل شيء، وأيضا غير قادر على شيء ما! وهذا مستحيل! فمثلا لا يمكن للماء أن يكون حارًا وباردًا بآن واحد! فهذه ليست مغالطة منطقية (fallacy) فحسب، بل هي أيضا سخف! ويذكرني بما قاله الفنان العربي الراحل يونس شلبي في مسرحية العيال كبرت: “الصبح بالليل ساعة ما الشروق يخش بالغروب”.

الله كلي القدرة، نعم، آمين. ولكن هذا لا يعني أنه يستطيع فعل أي شيء. لا يمكن لله أن يناقض قوانين المنطق المعروفة (التي هي أصلا منه). لا يمكن له أن يكون ولا يكون بنفس الوقت. لا يمكن له أيضا أن يرسم دائرة مربعة أو مثلثًا مستديرًا. فإن هذه الأشكال غير منطقية! وكذلك لا يمكن له أن يخلق رجلًا أعزب متزوجًا بذات الوقت! فهذا أيضا مستحيل. الله يستطيع فعل أي شيء يوافق طبيعته، وليس أي شيء على الإطلاق.

الحقيقة هي أن هنالك أشياء عديدة أخرى لا يقدر الله على فعلها. فمثلا بحسب إيماننا المسيحي، الله هو الحق، الحق المطلق. فقد أعلن الرب يسوع المسيح ذلك وقال: “أنا هو الطريق والحق والحياة”، فكيف للحق أن يكذب ويقول شيئًا منافيًا للحق؟! مثال آخر، في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس 2: 13 مكتوب: “إن كنا غير أُمناء فهو (أي الله) يبقى أَمينا لن يقدر أن يُنكِر نفسه”. إن الكذب وإنكار النفس وأشياء عديدة أخرى، هي أمور معاكسة لطبيعة الله، لذلك لن يقدر على فعلها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الله الكامل غير قادرعلى ارتكاب الأخطاء، لأن الذين يرتكبون الأخطاء هم أشخاص تنقصهم القوة أو الحكمة!

سأحاول أن أعطي مثالًا قد يثير الاهتمام، ولربما يكون حساسًا بعض الشيء، ولكني- كعادتي – صريح وسأشارككم أفكاري الحالية. بحسب رأيي الشخصي المتواضع، الله لا يستطيع أن يخلق عالمًا فيه جميع الكائنات أحرار (مثل البشر) وفي نفس الوقت جميعهم يعملون الخير طوال الوقت ولا يخطئ أحدهم بفعل أي شر. أرى بهذا العالم 1 تناقضًا منطقيًا، لأنه من المستحيل أن تجعل شخصًا حرًا يفعل شيئًا ما، خيرًا كان أم شرًّا. فإن أجبرته على فعل هذا الشيء، نزعت حريته!

عجز الله على فعل بعض الأمور،مثل التي ذكرت أعلاه، لا يعني أن قدرته محدودة، فما زالت قدرته التي حسب طبيعته لا نهائية، والكون يخبرنا بجزء صغير من مقدارها. فهو قادر أن يخلق أكوانا مضاعفة بلمح البصر. وعدم قدرة الله على فعل أشياء معينة لا تعني أنه ضعيف! حاشا! بل تلك تدلنا على صفاته، مبادئه وجوهره المحب والعادل بنفس الوقت.

عزيزي القارئ، رسالة الإنجيل هي أن الله كلي القدرة يريد أن يكون بعلاقة شخصية قوية معك أنت الإنسان، ولكنه لن يجبرك على ذلك. فقد قدم لك شتى الأدلة على “حسن نيته”، وهو يدعوك الآن إلى أن تعمِّق علاقتك به مهما كانت. يا تُرى ماذا تستطيع أنت أن تفعل؟ أعلم أنك غير قادر على كل شيء، ولكني أثق أنك قادر على تلبية الدعوة، فلا تتأخر!

مصدر الصورة: فليكر.

المراجع

  1. ماذا عن العالم القادم (الحياة الأبدية) مع الله؟ هل سنكون أحرار؟ أو هل سنخطئ هناك؟ كل ما أعرفه هو أننا سنكون شركاء للطبيعة الإلهية (2 بط 1: 4) فنفس طبيعة الله، التي بها هو لا يخطئ، سنكون نحن كذلك. والذين ينالون تلك الطبيعة الجديدة هم الأشخاص الذين في هذا العالم قرروا التخلي بإرادتهم عن طبيعتهم الحالية، طامعين بطبيعة الله الطاهرة، ويعيشون على رجاء القيامة، لكي يتمتعوا بكامل طبيعتهم الجديدة في العالم القادم. فحياتنا في هذا العالم، هنا على الأرض، هي مرحلة وقتية قصيرة بها نختار الحياة مع الله بطبيعته الرائعة، أو بدون الله بطبيعتنا نحن الخاطئة. فالعالم القادم (الحياة الأبدية) ليس عالمًا مستقلًا بحد ذاته، بل يعتمد اعتمادًا كاملًا على ما يحدث هنا على الأرض.