لقائي مع جون لينوكس

لقائي مع جون لينوكس

لقائي مع جون لينوكس

لم يكن البروفيسور جون لينوكس من جامعة اوكسفورد معروفًا على الصعيد العالمي قبل تسع سنوات. لكن عند مناظرته مع العالِم الملحد ريتشار دوكنز حول كتابه: “وهم الله”، استغل المنصة ليُنير بنور المسيح من خلال قدراته العلمية ومعرفته بالكتاب المقدس وتحليله المنطقي اللامع. ومنذ ذلك الحين وذات النور يسطع من خلال كل كتاب، محاضرة، لقاء او مناظرة اشترك فيها.

اشكر الله من اجل ريتشارد دوكنز ليس فقط على انجازته العلمية، بل على كتاباته التي تتحدى الايمان بالله، فقد ادت الى نهوض المؤمنين للدفاع وتفسير سبب ايمانهم بالله وبالتالي لنشر رسالة الانجيل بقوة اكبر، بمنطق وبمحبة.

المناظرة الاولى مع جون لينوكس وضّحت لي الصورة بأن الفلسفة الالحادية هي هي ولم تتغير، فما زالت تقرّ أن الشيء اتى من لا شيء وأن الحياة اتت من اللا حياة والعقل من اللا عقل والدقة والنظام من العشوائية والاخلاق من صراع البقاء والمعرفة من الفوضى والمنطق من اللا منطق والوعي من اللاوعي. يا له من ايمان عظيم، لكنه ايمان أعمى لأنه غير مدعوم بأدلة.
واما المؤمن فيعتقد ان في البدء كان هنالك عقل (لوجوس) مدبّر خلف هذه الخليقة الرهيبة، والادلة على ذلك كثيرة، لكن ليس هدفي ذكرها هنا.

العالم جون لينوكس لم ينه لقب الدوكتوراه بالرياضيات فحسب (والتي يعمل به يوميا في جامعة اوكسفورد) بل حصل أيضًا على دوكتوراه بالفلسفة واخرى باللاهوت. وما اجمل وما احلى أن تسمعه يشدد على علاقتك الشخصية بالمسيح وقراءتك للانجيل والتي هي اثمن ما نملك. فجون نفسه اشتهر كمُعلم للكتاب المقدس قبل مناظرته الاولى ولم يركز على الدفاعيات كموضوع أو على تعليم المدافعين، بل انه لا يحبذ استخدام كلمة دفاعيات لأنه يرى أن على جميع المؤمنين أن يكونوا على استعداد دائم لمجاوبة كل من يسألهم عن سبب الرجاء الذي فيهم. فقد حثّنا على أن تكون حياتنا كلها انعكاس لشخص المسيح من خلال أي عمل نعمله، إن كان بمناظرة أو بمحادثة شخصية، في العمل أو في البيت.

بروفيسور جون لينوكس مع عالم التاريخ د. يورجن سبيس خلال فترة الاسئلة

بروفيسور جون لينوكس مع عالم التاريخ د. يورجن سبيس خلال فترة الاسئلة

لم تكن كل هذه الامور الجميلة أهم ما تعلمته عند لقائي به بالمؤتمر التدريبي الذي عُقد في فرنسا هذا الشهر، فحين التقيت به شخصيًا تعرّفت على الانسان جون لينوكس. تعرّفت على اخ، أب أو لربما جدّ. رغم تعب سفره بالقطار لساعات طويلة كي يخاطبنا لفترة قصيرة، اشرق وجهه بابتسامة محبة رائعة راح بها يجيب على اسئلة الحاضرين بعد أن جلس معهم جلسات شخصية ليسمعهم، قبل وبعد محاضرته الرئيسية. رغم معرفته وكميّة المعلومات الهائلة الموجودة في ذهنه بمجالات مختلفة التي تسمح له أن يرتقي فوق جميع الحضور لكنه متواضع، وتواضعه سحرني وذكَّرني بسيده وسيدي، ذاك الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي من اجلنا نحن البشر.

حتى الملحدين الذين اشتركوا معه في مناظرات مثل بيتير سينجر والراحل كريستوفر هيتشينز، شكروه على طريقته الحضارية بالنقاش، وتعجّبوا عندما شاركهم جون أنه قد قرأ كتبهم  وحللها، حتى أنه عرف مصدر الافكار المطروحة فيها. لذا دعوه أيضا الى محاضراتهم، وهو بكل سرور لبّى الدعوة وتناول معهم وجبة عشاء بعدها، وأقرّوا له عندها انه اسلوبه مميز، اذ يحترم الاخر ويقدرّه رغم تناقض الافكار.

ما نفع الادلة على وجود الله اذا لم نتعرّف على الله نفسه؟ ما الفائدة من الانجيل اذا لم نمارس تعاليمه السامية؟ ماذا سنستفيد من موت المسيح وقيامته إن لم نقرر على اتخاذه ربّا ومخلصا شخصيا؟ ما اعجبني بجون هو ليس فقط محاضراته الرائعة التي تخاطب العقل والقلب فحسب، بل حياته الشخصية. صبره، اهتمامه، احترامه للغير، تواضعه، محبته وحكمته. إن دلّ هذا على شيء فيدل على التزام جدي لرسالة المسيح. حقا، إن الاية الكتابية التي تقول “لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السماوات” تنطبق عليه. طبعًا، ان المجد هو لله وحده، فجون نفسه يعترف انه انسان خاطئ وأنه بحاجة للمخلص وأن اعماله هذه هي ثمرة عمل المسيح به، فما هو الّا مرآة وسخة نُظّفت كي تعكس ضوء معلّمه الصالح.

زوروا موقع جون لينوكس الرسمي في الرابط ادناه:
http://johnlennox.org